أين الخــلل؟؟

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أين الخــلل؟؟, اليوم الاثنين 17 مارس 2025 07:45 مساءً

فاطمة باديعي

أين الخلل؟ لماذا ونحن في رمضان شهر الصيام والقيام، شهر الغفران وفرصة لتقوية الإيمان اختل توازن قيمتنا وتأزمت قيمنا، وتفشت السرقة وانتشر النصب والنهب، واختفي التضامن والتعاون...؟؟ ألسنا نحن المغاربة الشعب المشهور بالكرم والإيثار في السراء والضراء ؟؟ ألسنا نحن من لا نفطر حتى نتأكد أن مائدة جارنا لا ينقصها رغيف وحليب؟ لماذا في هذا الشهر الفضيل بدل تمتين الروابط تقطع صلة الأرحام؟؟، بل تمت من سولت له نفسه قتل فلذة كبده، وبكل وقاحة يذرف دموع التماسيح مدعيا المحبة والأبوة، أين الخلل؟؟ ونحن مسلمون وتمت من ساق جرافة لهدم بيت أخيه على مسامع آذان صلاة المغرب؟؟، ولماذا ندعي الإسلام والإيمان؟؟؟ يبدو أننا نسينا أو تناسينا أن تمت فرق شاسع بينهما، ((قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)). بل وندعي الإنسانية !! إن الإنسانية بريئة مما يحدث في بيوت الله وفي هذا الشهر الفضيل، حيث المصلون ساجدون خاشعون يتضرعون المغفرة، ووحوش آدمية تغتصب أطفالا أبرياء بلا رحمة ولا شفقة، إن ما تتخبط فيه أنفسنا من مشاعر وسلوكيات شاذة وغير سوية تنم عن جحود وكره دفين وعميق، تجاه ذواتنا وتجاه الآخر القريب والبعيد، وهذا ينبئ بتحجر قلوبنا من الإحساس بالإنسانية، الإنسانية للأسف التي نفتقر إليها في الوقت الذي تتمتع بها قلوب باقي الكائنات الحية على الأرض وتحت الأرض وفوق السماوات، فلماذا خليفة الله في الأرض، الكائن الذي حباه الله بالعقل يرفض هداية النفس وراحة البال وتزكية الروح؟؟، فلماذا يستمتع بالأذية من أجل متعة لحظة عابرة؟؟؟

أليس رمضان هو من قال عنه الله تعالى في كتابه العزيز: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، ألم يعلمونا في المدرسة أن الصيام صيام كل الجوارح؟ امتناع عن الملذات والمحرمات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، من أجل التزكية والطهارة من كل الذنوب والأمراض العضوية النفسية والعقلية؟؟؟

للأسف مظاهر الخلل والاختلال تتكرر كلما حل هذا الشهر العظيم، فترى نساءنا ورجالنا تجمعهم المائدة فقط للحديث عما لذ وطاب من أنواع المأكولات والمشروبات، ونادرا ما تجد من يتنازل ويربي أبناءه ويدعو محبيه إلى التحلي بالأخلاق الحميدة، فأين مقاصد رمضان عندما دعانا الإسلام إلى الإحساس بألم الجائع الفقير؟ وما سبب التباهي بالمملحات والحلويات على مواقع التواصل الاجتماعي وهناك من لا يجد لقمة يسد بها جوعه؟؟؟، وأما تهافت الجميع للشراء فتلك ظاهرة تحتاج إلى نقاش عميق وتفصيل طويل، إذ بمجرد إعلان حلول الشهر الكريم تجد من يستغل هذا الوضع فيبيع سلعا فاسدة بعد سولت له نفسه تغيير تاريخ صلاحيتها، وكثيرون هم من ينتظر الشهر الفضيل لخنق الضعيف برفع قيمة المنتوجات الأساسية، فأين الخلل؟؟؟

لقد اضمحلت القيم الإنسانية والإسلامية لدرجة أصبح المستحيي مثيرا للاهتمام، وصار الصبور مذلا، وظل الصادق غريب الأطوار، في حين برز الحامل لكل وشوم الظلم والجور بطلا قوميا تحلم به كل الفتيات ويقتدي به كل الشباب.

(( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) إن شهر رمضان شهر لمراجعة النفس والتزكية من كل السموم النفسية تجاه خالقنا وتجاه ذواتنا وتجاه وطننا، فلنغير أنفسنا ونرحمها ولنجعل الملائكة تسجل حسنات، تقينا من شرور أنفسنا، لنربي أجيالنا على القيم الفاضلة لترتقي بنا إلى مجتمع يستحق وصفه بالمسلم والمؤمن والراقي والمتطور، يستطيع مواكبة التكنولوجيا الأخلاقية التي تبني ولا تهدم... إن الخلل في أنفسنا، وأنفسنا سبب اختلالنا، فلا ننتظر معجزة ليعود توازننا، ونعيش في أمان نفسي واجتماعي واقتصادي، لنتغير أنفسنا لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق