نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جعلوه شهر القتل والارهاب: لماذا يَحْقِد الصهاينة على شهر رمضان؟, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 05:51 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 18 - 03 - 2025
يمثل التصعيد العبثي الصهيوأمريكي في فلسطين وسوريا واليمن خلال شهر رمضان تجسيدا لعدائية الحركة الصهيونية لمرجعيات الدين الإسلامي الحنيف بوصفه منظومة متفردة للقيم الانسانية.
وفي الواقع جاء «وعد بلفور» بهدف هيكلة الاختراق الصهيوني للدين الإسلامي على شاكلة مسار تذويب الديانة المسيحية الذي تطلب خمسة قرون من الزمن بدأت بالاستثمار في الانفجار المسيحي الذي تسبب فيه ملك بريطانيا «هنري الثامن» بإعلان الانسلاخ عن الكنيسة الكاثوليكية وانتهى بسجن الديانة المسيحية في أربعة هكتارات مربّعة هي مساحة الفاتيكان.
وقد تأسس هذا الاجتياح على مرجعية مركزية تبيح ل«شعب الله المختار» استعباد باقي البشر بدافع الثأر من الخالق عز وجل وذلك عبر اختزال كل القيم الانسانية في «قيمة المال» تجسيدا لنظرية «دين المال» باعتباره ديانة جامعة لكل البشر يتحكم فيها من يملك المال.
المفسدون في الأرض
ويجدر التنويه في هذا الصدد إلى أن المسيحية تلتقي مع الإسلام في توصيف الصهاينة بالمفسدين في الأرض وعلى هذا الأساس مارست كل المجتمعات الأوروبية دون استثناء سياسة التهجير القسري والتوطين على الأقليات اليهودية خلال القرون الوسطى لتحصين نفسها ضد الفساد ولا سيما «الربّى» الذي ظل يخضع لتحريم مطلق قبل أن تتكسّر وحدة الديانة المسيحية في نهاية القرن السادس عشر وتنشأ مذاهب انصهرت في العقيدة الصهيونية لدرجة أن بعضها صار يقيم القداس باللغة العبرية القديمة.
ومن هذا المنطلق تخشى الحركة الصهيونية من ارتدادات مفاهيم المقاومة والممانعة التي يعبر عنها النضال الوطني الفلسطيني على المجتمعات الأوروبية والغربية عموما التي تعاني من احتقان تاريخي تراكمي بسبب الاستبداد الصهيوني الناعم الذي حوّل الإنسان إلى مجرد رقم صغير في معادلة ربح جشعة ومتوحشة خاصة من خلال إخضاعه لمؤثرات «مجتمع الاستهلاك» بالتوازي مع «سلعنة الانتخابات» لإخضاع المجتمعات الأوروبية لمنظومات حكم تتفانى في خدمة المشروع الصهيوني بما في ذلك مسار تشكل الاتحاد الأوروبي الذي جاء تتويجا لمشروع «جورج مارشال» لإعادة بناء القارة العجوز بعد الحرب الكونية الثانية وذلك بهدف التحكم في خيارات كل الدول الأعضاء عبر منظومة البيروقراطية الأوروبية حيث أن نصف أعضاء البرلمان الأوروبي على الأقل يتقاضون رواتب من حكومة الكيان الصهيوني.
وبنفس الأدوات انتقلت الحركة الصهيونية إلى مشروع تذويب الديانة الإسلامية الذي يتأسس على تضليل مكثف يهدف إلى شيطنة الإسلام بجعله رديفا للإرهاب والتخلف الحضاري خاصة بابتكار وإدارة مجموعات مرتزقة مثل داعش وتنظيم الدولة ومشتقاتها التصقت صورتها بجرائم بشعة مثل قطع الرؤوس وخطف وقتل الأطفال على غرار ما تعاني منه منطقة الساحل الافريقي وذلك بهدف ايصال المجتمعات الإسلامية إلى نكران ملتها وافتقاد الدافع الحضاري والحال أن هذه الممارسات البشعة مقتبسة من الإرث الصهيوني وتحديدا أدوات الإبادة الجماعية التي مارستها الكيانات التي تؤلف «الصهيونية العالمية» وهي كل من بريطانيا ضد السكان الأصليين لأستراليا وألمانيا في ناميبيا عام 1907 وفرنسا في الجزائر والولايات المتحدة ضد السكان الأصليين المعروفين بالهنود الحمر وإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
استهداف القدس
وربما كانت الحركة الصهيونية أكثر شراسة في تشوية شهر رمضان المعظم من خلال العمل على تحويل جوهره من شهر للجهاد في سبيل الحق والتراحم وتوريث الشعائر الإسلامية إلى «شهر الإرهاب» في ما يسمى عقيدة التنظيمات المتطرفة كما لم تدخر الحركة الصهيونية جهدا لإفساد فرحة الشعوب الإسلامية بالشهر الكريم من خلال افتعال الحروب وتصعيد القمع بشكل دوري ضد الشعب الفلسطيني وذلك بالنظر إلى حساسية القدس في وجدان المجتمعات الاسلامية.
وتعتقد الحركة الصهيونية بدافع الصّلف أنه من خلال شيطنة الإسلام بالتوازي مع إرغام الأنظمة الحاكمة على إدماج شعوبها في «مجتمع الاستهلاك» تصبح الطريق سالكة لتذويب الديانة الاسلامية في المشروع الصهيوني «دين المال» بفرض ما يسمى «الديانة الابراهيمية» التي تهدف في آخر المطاف إلى تحويل المرجعيات الدينية إلى مجرّد صورة بقيام فاتيكان ثان وسويسرا ثانية على شاكلة الاجتياح الصهيوني الذي عرفته المجتمعات الغربية وذلك بالتوازي مع استهداف مرجعية «القدس» أولى القبلتين الذي كان بدأه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عهدته الأولى بنقل مقر سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس وذلك بهدف استكمال متطلبات هيمنة «دين المال» بوصفه رديفا للإرادة الإلهية.
لكن هذا الصّلف المنبثق في الأصل عن مركّب نقص له جذوره التاريخية القديمة لا يستطيع استيعاب استحالة تذويب الحضارة الإسلامية التي تعبر عنها عدة مرجعيات منها استعداد الشعب الفلسطيني للشهادة من أجل الأرض مستمدا ثباته من الايمان بالله عز وجل ومظاهر الفرح بشهر رمضان المعظم التي تسود المجتمعات الإسلامية بما في ذلك التي تعاني من أوضاع متأزمة بسبب الفقر أو الارهاب.
وعلى هذا الأساس يمكن القول إن عجلة التاريخ توقفت عندما خرجت المعاهدة الابراهيمية من الكواليس إلى الأضواء الكاشفة ولن تعود أبدا إلى الدوران حتى تتحرّر القدس منبت الحضارة وموطن السلام.
.
أخبار متعلقة :