نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المغرب يصنف ثلاثة مواقع يهودية في الصويرة كتراث وطني, اليوم الأربعاء 12 مارس 2025 02:25 مساءً
في خطوة تعكس التزام المغرب بالحفاظ على تنوعه الثقافي وتراثه الديني، قررت وزارة الشباب والثقافة والتواصل تصنيف ثلاثة مواقع يهودية تاريخية في مدينة الصويرة ضمن قائمة التراث الوطني، وهو القرار الذي يأتي ليكرس السياسة الملكية الرامية إلى صون الموروث اليهودي المغربي كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، في إطار رؤية شاملة ترعاها الدولة للحفاظ على التعددية الثقافية والدينية.
وتشمل المواقع الثلاثة كنيسا يهوديا يعود تاريخه إلى ما يقرب من قرنين من الزمن، إضافة إلى مقبرة يهودية قديمة تعود إلى القرن الحادي عشر، وميكفاه (حمام طهارة) يعكس تقاليد الطائفة اليهودية في المغرب، حيث كانت هذه المواقع قد خضعت لأعمال ترميم خلال السنوات الأخيرة، في إطار مشاريع كبرى أطلقت بإشراف مباشر من الملك محمد السادس، بهدف إعادة تأهيل المعالم اليهودية التاريخية في مختلف مناطق المملكة.
ويضع هذا التصنيف الجديد المواقع الثلاثة تحت حماية القانون 22-80 المتعلق بالمحافظة على المعالم الأثرية والتراث الثقافي، مما يفرض قيودا على أي تغيير قد يطرأ عليها، ويستلزم إشعار وزارة الثقافة قبل ستة أشهر على الأقل من الشروع في أي أعمال داخلها.
ولم يأتي هذا القرار بمعزل عن الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة للحفاظ على التراث اليهودي المغربي، الذي شهد خلال العقود الأخيرة عدة مشاريع ترميمية واسعة النطاق، حيث تم في السنوات الأخيرة إعادة تأهيل عشرات المعابد اليهودية والمقابر والأحياء العتيقة التي كانت تعرف تاريخيا باسم "الملاح"، إضافة إلى إعادة إحياء أسماء أحياء يهودية تقليدية في مدن مثل فاس والصويرة ومراكش.
وكان الملك محمد السادس قد أمر في 2021 بإعادة تنظيم الطائفة اليهودية في المغرب عبر تأسيس ثلاث هيئات جديدة، تشمل المجلس الوطني لطائفة يهود المغرب، ولجنة يهود المغرب في الخارج، ومؤسسة التراث اليهودي المغربي، وذلك بهدف الحفاظ على استمرارية المكون اليهودي في النسيج المجتمعي المغربي وتعزيز الروابط بين المغاربة اليهود في الداخل والخارج.
ورغم تراجع أعداد اليهود المقيمين في المغرب إلى نحو 3,000 شخص، بعد أن كان عددهم يناهز 250,000 قبل عقود، لا يزال المغرب يحتفظ بأكبر طائفة يهودية في شمال إفريقيا، كما تربطه علاقات تاريخية قوية بالجالية اليهودية من أصول مغربية في الخارج، والتي تقدر بنحو 700,000 شخص، معظمهم في إسرائيل.
ولقيت هذه الجهود الملكية إشادة دولية، حيث نوه تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحرية الدينية في 2023 بمبادرات المغرب في الحفاظ على التراث اليهودي، واعتبرها نموذجا للتسامح والتعايش الديني في المنطقة، كما تم تعزيز هذه الجهود على المستوى الأكاديمي والثقافي، بإدراج التاريخ اليهودي المغربي في المناهج الدراسية، وافتتاح أول كنيس يهودي في حرم جامعي في العالم العربي داخل جامعة محمد السادس التقنية بالرباط، حسب ما أكدته وسائل إعلام عبرية.
ورغم أن اهتمام المغرب بحماية تراثه اليهودي ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى أكثر من 15 عاما، فإن هذه المشاريع اكتسبت زخما أكبر منذ استئناف العلاقات المغربية-الإسرائيلية في إطار "اتفاقيات أبراهام"، حيث تؤكد هذه المبادرات على خصوصية النموذج المغربي في التعايش الديني، الذي يشكل فيه التراث اليهودي جزءا أصيلا من الهوية الوطنية، إلى جانب المكونات الأمازيغية والعربية والإسلامية، في تجسيد حي لتعددية المغرب الثقافية والدينية.
0 تعليق