نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : لماذا انقلب ترامب على نتنياهو؟, اليوم الجمعة 14 مارس 2025 10:30 مساءً
نشر في الشروق يوم 14 - 03 - 2025
في عالم السياسة والعلاقات الدولية، لا يوجد ما يُسمى بالصداقات أو العداوات الدائمة، بل تظل المصالح هي الرابط الأهم بين الدول ، وهي السياسة التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التاجر الذي يركز على الربح فقط.. وبناء على هذه الرؤية، بدأت إدارته بشكل مفاجئ في إجراء محادثات مباشرة مع حركة حماس، وهو ما شكل صدمة كبيرة في الأوساط السياسية، خاصة داخل الكيان الإسرائيلي. فالقادة الصهاينة كانوا يتوقعون أن تواصل إدارة ترامب تنفيذ مخطط تهجير أهالي غزة إلى مصر أو الأردن، وتدمير حركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم حماس، ومنح القطاع للمستوطنين الصهاينة. لكن المفاجأة كانت أن ترامب فتح أبواب الحوار مع حماس بدلًا من "أبواب جهنم" التي وعد بها أهل غزة مرارا وتكرارا قبل اقل من شهر .
إذن، يبدو أن ترامب، الذي يختلف في سياساته عن سابقيه، اختار نهجا عمليا جديدا في التعامل مع الأزمة الفلسطينية ودفع موفده إلى قطر للحديث وجها لوجه مع ممثلي المقاومة، بعيدًا عن أعين بنيامين نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف. وهذا التطور كان له تداعيات كبرى، ليس فقط على الصعيد الفلسطيني، ولكن على مستوى العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية أيضا ما فتح الباب أمام عديد الأسئلة اولها هل ستكون هذه الخطوة بداية لتغيرات جذرية في سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية؟ وهل سيتبع ترامب مسارا يشمل إعادة تقييم العلاقة مع إسرائيل، أم أن هذه خطوة ظرفية؟
وإذا نظرنا إلى هذه التحولات من زاوية أوسع، فإنها تعكس عدة رسائل سياسية واضحة أولها ان الحكومة الإسرائيلية، بقيادة المجرم نتنياهو قد فقدت مصداقيتها في نظر إدارة ترامب، التي باتت ترى أن الملف الفلسطيني بحاجة إلى إدارة أكثر فعالية وأقل ارتباطا بالحسابات السياسية الضيقة وهي رسالة تُضعف بشكل كبير من قدرة إسرائيل على التأثير في مسار المفاوضات، خاصة في ظل دخول واشنطن كلاعب رئيسي في هذا الملف.
من جهة أخرى، قد تجد السلطة الفلسطينية في رام الله نفسها في موقف صعب، في وقت تظهر فيه الولايات المتحدة انفتاحا على الحوار مع حماس...
هذا التحول قد يفتح الباب أمام منافسة جديدة على تمثيل الشعب الفلسطيني في الساحة الدولية، في ظل حالة التآكل السياسي الداخلي التي تعيشها السلطة الفلسطينية. لكن السؤال هنا هو: لماذا اختار ترامب الانفتاح على حماس؟ وما الذي دفعه إلى تغيير سياسته بهذه الطريقة؟
الجواب عن هذا السؤال يكمن في دافع رئيسي يتعلق بمسألة الرهائن والمحتجزين خاصةذوي الجنسيةالأمريكية. فهذه المسألة أصبحت أولوية لدى ترامب، على عكس ما كان الحال مع سابقيه. ترامب، الذي يعشق تحقيق "صفقات" مع القوى القوية، يدرك تماما أن حماس هي القوة الحقيقية على الأرض في قطاع غزة وهي التي تملك القدرة على حل ملفات معقدة مثل قضية الرهائن، وهو أمر لا يمكن تجاهله ومن غير المنطقي ترك هذه المسائل في يد إسرائيل، التي بدا أنها لا توليها ما يكفي من الاهتمام لتحقيق تقدم ملموس.
إلى جانب ذلك، يمكن أن تكون حماس قد رحبت بالتفاوض مع واشنطن على الرغم من أنها حافظت على قنوات اتصال مع عدة أطراف دولية، إلا أنها لم تتمكن من الحصول على اعتراف دولي حقيقي حتى الآن.لكن الآن، بعد أن أصبح التواصل مع الولايات المتحدة ممكنا، يمكن لحماس أن تعزّز من مكانتها السياسية على الساحة الدولية. فهي ترغب في إظهار أنها ليست مجرد حركة مقاومة، بل طرف سياسي قابل للتفاوض، مما قد يعزز موقفها في الداخل الفلسطيني.
ورغم هذه التحولات، تبقى المخاوف قائمة اذ يرى البعض في هذه المفاوضات تنازلا عن مبادئ أساسية، خاصة أن أحد المطالب التي تم تداولها كان الحديث عن نزع سلاح المقاومة وهي مسالة في غاية الأهمية والحساسية، فهل يمكن لحركة حماس، التي نشأت على مقاومة الاحتلال أن تتخلى عن سلاحها في ظل غياب حل سياسي شامل؟ وفي المحصلة، فإن التفاوض المباشر بين إدارة ترامب وحركة حماس يمثل نقطة تحول مهمة في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. ورغم التحديات الكبيرة التي قد تعترض طريق هذه المحادثات، فإنها تفتح آفاقا جديدة قد تقود إلى اختراق في المواقف السياسيةو ربما تسفر هذه المفاوضات عن نتائج غير متوقعة، لكن في النهاية، يبقى الأمر مرهونًا بكيفية إدارة هذه المحادثات من قبل الأطراف المختلفة...
وحتى الآن، لا يمكن التنبؤ بما سيحدث في ظل سياسة ترامب غير المتوقعة، فربما نجد أنفسنا أمام تغييرات جذرية في المواقف الأمريكية تجاه القضايا الفلسطينية، وقد يواجه ترامب التعنت الصهيوني بانقلاب شامل على سياسة نتنياهو الذي قد يواجه مصير زيلينسكي الذي دفع ثمن عناده غاليا وترك وحيدا لمواجهة مصيره والتنازل أمام بوتين ..
ناجح بن جدو
.
0 تعليق